كنت أظن . .
أن
جدية الالتزام لابد أن تكون هي السائدة على مظهري الخارجي كإنسان ملتزم،
حتى لو ذهبت الابتسامة لا إرادياً من وجهي، وصار عبوساً!! فالمهم أن يراني
الله جاداً حازماً في تصرفاتي وأقوالي، وليس المهم أن يرضى الناس عني، فرضى
الناس غاية لا تدرك!!
ولكني اكتشفت . .
ان
الابتسامة وبشاشة الوجه هما أسرع طريق لكسب القلوب!! وأن معظمنا كملتزمين
قد شوهنا صورتنا بهذا العبوس القاتم الذي توهم بعضنا أنه دليل على جدية
وحزم الالتزام، وفاتنا أن نعلم أن الجدية رفيقة النية تماماً كظلها
(ومحلهما القلب)!!
فمن كان جاداً في
التزامه، صادقاً في توجهه إلى الله، راغباً فيما عند الله؛ فليُري الله من
نفسه خيراً؛ بجديته سراً في حفاظه في قيام الليل، وجهراً بإدراكه تكبيرة
الإحرام في الجماعة، وبذل المعروف للناس، وكف الأذى، والتفاني في صنائع
الخير للآخرين، حيث لن يكون الدافع الحقيقي بالفعل وراء القيام بذلك كله؛
سوى المصداقية العالية، والإخلاص الحقيقي، والجدية الفعلية في التوجه إلى
الله والدار الآخرة، وما أجمل أن يكلل الشاب الملتزم - الذي أظهر لله
مصداقيته وجديته في القيام بهذا كله – نجاحه بأن يرسم الابتسامة على شفتيه،
حيث لا تعارض بينها وبين الجدية البتة!! وإنما هي والله في وجه أخيك
(صدقة) ويرسم البشاشة على ملامح وجهه، فهي والله في وجه الناس (دعوة)!!
فقررت . .
أن
أجعل الابتسامة وبشاشة الوجه لي عنواناً كمسلم ملتزم؛ حتى آخذ بقلوب الخلق
إلى الله، وأغير الصورة المشوهة عن الملتزمين في أذهان عباد الله، وأحبب
الناس في أهل دين الله - لا لشيء - سوى لأنهم تجار آخرة، ليس لهم بضاعة سوى
هداية الناس إلى الله، فكيف يبغضهم الناس إلا بسببٍ دسيس وغريب على
تصرفاتهم، ولا يتوقع أبداً أن يصدر من أمثالهم ألا وهو - العبوس والتنفير –
الذي ما عرفه وجه النبي صلى الله عليه وسلم قط، إلا تمعراً حال انتهاك
حرمات الله، أما دون ذلك، فقد كان ذا الوجه الأنور . . البشوش الأجمل (صلى
الله عليه وسلم).
منقول